للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما العلة الجدلية النظرية فكل ما يُعتل به في باب "إن" بعد هذا. مثل أن يقال: فمن أي جهة شابهت هذه الحروف الأفعال؟ وبأي الأفعال شبهتموها؟ أبالماضية، أم المستقبلة، أم الحادثة في الحال، أم المتراخية، أم المنقضية بلا مهلة؟ (وحين) شبهتموها بالأفعال لأي شيء عدلتم بها إلى ما قُدم مفعوله على فاعله نحو ضرب زيداً عمرو، وهلا شبهتموها بما قُدم فاعله على مفعوله لأنه هو الأصل وذاك فرع ثان؟ فأي علة دعتكم إلى إلحاقها بالفروع دون الأصول، وأي قياس أطرد لكم في ذلك؟ وحين شبهتموها بما قدم مفعوله على فاعله، هلا أجزتم تقديم فاعليها على مفعوليها كما أجزتم ذلك في المشبه به في قولكم ضرب أخاك محمد وضرب محمد أخاك؟ وهلا حين امتنعت من ذلك لعلةٍ لزمتموه ولم ترجعوا عنه فتجيزوه في بعض المواضع في قولكم إن خلفك زيداً وإن أمامك بكراً وما أشبه ذلك؟ وهلا حين مثلتم عملها بعمل الفعل المتعدي إلى مفعول واحد نحو ضرب زيداً عمرو، امتنعتم من إجازة وقوع الجمل في موضع فاعلها في قولكم أن زيداً أبوه قائم، وإن زيداً ماله كثير، والفاعل لا يكون جملة؟ ولم أجزتم وقوع الفعل موقع فاعلها في قولكم إن زيداً يركب، وإن عبد الله ركب أرأيتم فعلاً وقع موقع الفاعل بدلاً منه نائباً عنه؟ ما أرى كلامكم إلا ينقض بعضه بعضاً.

وكل شيء اعتل به المسئول جواباً عن هذه المسائل، فهو داخل في الجدل والنظر. وفي باب "إن" سؤلات كثيرة عن هذا سنذكرها مع الجواب عن هذه المسائل في باب ذكر علل "إن" إن شاء الله.

وذكر بعض شيوخنا أن الخليل بن أحمد رحمه الله، سئل عن العلل التي يعتل بها في النحو، فقيل له: عن العرب أخذتها أم اخترعتها من نفسك؟ فقال:

<<  <   >  >>