فإن قال قائل: فما الفائدة في تعلم النحو، وأكثر الناس يتكلمون على سجيتهم بغير إعراب، ولا معرفة منهم به، فيَفهمون ويُفهمون غيرهم مثل ذلك؟ فالجواب في ذلك أن يقال له: الفائدة فيه الوصول إلى التكلّم بكلام العرب على الحقيقة صواباً غير مبدل ولا مغيّر، وتقويم كتاب الله عز وجل، الذي هو أصل الدين والدنيا والمعتمد، ومعرفة أخبار النبي صلى الله عليه وسلمن وإقامة معانيها على الحقيقة. لأنه لا تفهم معانيها على صحة إلا بتوفيتها حقوقها من الإعراب. وهذا ما لا يدفعه أحد ممن نظر في أحاديثه صلى الله عليه وسلم وكلامه. وقد قال الله عز وجل في وصف كتابه {إنا أنزلناه قرآناً عربياً}. وقال {بلسانٍ عربيٍّ مبين} وقال {وقرآنا عربياً غير ذي عِوَج} فوصفه بالاستقامة كما وصفه بالبيان في قوله {بلسان عربيٍّ مبين} وكما وصفه بالعدل في قوله {وكذلك أنزلناه حكماً عربياً}.
وأخبرنا أبو إسحق الزجّاج قال: سمعت أبا العباس المبرِّد يقول: كان بعض السلف يقول عليكم بالعربية، فإنها المروءة الظاهرة، وهي كلام الله عز وجل وأنبيائه وملائكته.