قد قلنا إن الإعراب دال على المعاني، وإنه حركة داخلة على الكلام بعد كمال بنائه. فهو عندنا حركة. نحو الضمة في قولك هذا جعفر، والفتحة من قولك رأيت جعفرا، والكسرة من قولك مررت بجعفر. هذا أصله ومن المجتمع عليه أن الإعراب يدخل على آخر حرف في الاسم المتمكن والفعل المضارع، وذلك الحرف هو حرف الإعراب. فلو كان الإعراب حرفا ما دخل على حرف. هذا مذهب البصريين. وعند الكوفيين أن الإعراب يكون حركة وحرفا، فإذا كان حرفا قام بنفسه، وإذا كان حركة لم يوجد إلا في حرف. ثم قد يكون الإعراب سكونا وحذفا، وكذلك الجزم في الأفعال المضارعة، وحرفا.
وهذا مما ذكرت لك أن الشيء قد يكون له أصل لم يسمع. وكل هذا يذكر في موضعه إن شاء الله.
فإن قال قائل: فأين يكون الإعراب سكونا وحذفا وحرفا؟ قيل له: يكون سكونا في الأفعال المضارعة السالمة اللامات، نحو لم يضرب ولم يذهب. وحذفا في هذه الأفعال إذا كانت معتلة اللامات، نحو لم يقض ولم يغز ولم يخش، ولكل شيء من هذا علة تذكر في موضعها إن شاء الله.
فإن قال قائل: فهل يكون الإعراب حرفا عند سيبويه وأصحابه في شيء من الكلام؟ قلنا له: هذا الذي ذكرناه هو الأصل وعليه أكثر مدار كلام العرب. وقد ذكرنا أن الشيء يكون له أصل يلزمه، ونحو يطرد فيه، ثم يعترض لبعضه علة تخرجه عن جمهور بابه، فلا يكون ذلك ناقصا للباب كما مثلنا فيما تقدم. وذلك