للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موجود في سائر العلوم، حتى في علوم الديانات كما يقال بالاطلاق الصلاة واجبة على البالغين من الرجال والنساء، ثم نجد منهم من تلحقه علة تسقط عنه فرضها. وكما يقال من سرق من حرز قطع، وقد نجد القطع ساقطا عن بعضهم، ولهذا نظائر كثيرة فكذلك حكم الإعراب وحقيقته ما ذكرناه. ثم إنه عرض في بعض الكلام ضرورة دعت إلى جعل الإعراب حروفا وذلك في تثنية الأفعال المضارعة، وجمعها وفعل المؤنث المخاطب في المستقبل / وذلك في خمسة أمثلة من الفعل وهي يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين با هذه. علامة الرفع في هذه الأفعال الخمسة ثبات النون، وحذفها علامة الجزم والنصب.

فإن قيل: ما الذي أوجب تصبير الإعراب في هذه الأفعال حرفا وهو النون؟ قيل له ما قال سيبويه وهو أنه قال: الإعراب يدخل على آخر حرف في الكلمة، وذلك الحرف يسمى حرف الإعراب، وآخر حرف في هذه الأفعال النون. فلو جعلت النون حرف الإعراب لوجب ضمها في حال الرفع، وفتحها في حال النصب، وكان يلزم من ذلك أن تسكن في حال الجزم. ولو أسكنت وجب سقوط الألف التي قبلها والواو والياء لالتقاء الساكنين وكان يذهب ضمير الاثنين والجمع والمؤنث في حال تأخير الأفعال بعد الأسماء، ويسقط علم ذلك في تقديم الأفعال على الأسماء في لغة من يثنى ويجمع الفعل مقدما، فكان يصير الفعل كأنه للواحد ويبطل المعنى فلما امتنع ذلك جعلت النون نفسها علم الرفع، فلما صارت علم الرفع وجب حذفها في الجزم، لأن الجازم يحذف ما يثبت في الرفع، فإن كان في حال الرفع حال ساكن حذفه الجازم، نحو لم يقض ولم يغز ولم يخش، فجعلت النون محذوفة في الجزم لسكونها كما حذفت الواو والياء والألف لسكونها. وجعل النصب مضموما إلى الجزم، فحذفت النون فيه أيضا فقيل لم يفعلا ولم يفعلوا ولن يفعلوا، كما ضم النصب في تثنية الأسماء وجمعها إلى الخفض، لأن الجزم في الأفعال نظير الخفض في الأسماء.

<<  <   >  >>