للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليتسعوا في كلامهم، ويقدموا الفاعل إن أرادوا ذلك أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه، وتكون الحركات دالة على المعاني.

هذا قول جميع النحويين إلا قطربا فإنه عاب عليهم هذا الاعتلال، وقال لم يُعرب الكلام للدلالة على المعاني، والفرق بين بعضها وبعض، لأنا نجد في كلامهم أسماء متفقة في الإعراب مختلفة المعاني، وأسماء مختلفة الإعراب متفقة المعاني، فما اتفق إعرابه واختلف معناه قولك إن زيداً أخوك. ولعل زيداً، أخوك. وكأن زيداً أخوك. اتفق إعرابه واختلف معناه. ومما اختلف إعرابه واتفق معناه قولك ما زيد قائماً، وما زيد قائم، اختلف إعرابه واتفق معناه. ومثله: ما رأيته منذ يومين، ومنذ يومان، ولا مال عندك؛ ولا مالٌ عندك، وما في الدار أحداً إلا زيد، وما في الدار أحد إلا زيداً. ومثله؛ أن القوم كلهم ذاهبون وأن القوم كلهم ذاهبون، ومثله (إن الأمر كلَّه لله) و (إن الأمر كلُّه لله) قرئ بالوجهين جميعاً. ومثله ليس زيد بجبان ولا بخيلٍ ولا بخيلاً. ومثل هذا كثير جداً مما اتفق إعرابه واختلف معناه، ومما اختلف إعرابه واتفق معناه.

قال: فلو كان الإعراب إنما دخل الكلام للفرق بين المعاني، لوجب أن يكون لكل معنى إعراب يدل عليه لا يزول إلا بزواله. قال قطرب: وإنما أعربت العرب كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضاً لكان يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يبطئون عند الإدراج فلما وصلوا وأمكنهم التحريك، جعلوا التحريك مُعاقباً للإسكان، ليعتدل

<<  <   >  >>