للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظة جرت في كلامهم كالمثل. قال الأصمعي: تقول العرب: اذهب بذي تسلم. والمعنى اذهب والله يسلمك، دعاء له بالسلامة. واذهبا بذي تسلمان، والمعنى اذهبا والله يسلمكما. واذهبوا بذي تسلمون، والمعنى والله يسمكم. فإذا كانت هذه الكلمة جارية مجرى المثل، فإن الأمثال يحتمل فيها ما لا يحتمل في غيرها وتزال كثيراً عن القياس. كذلك مجراها في كلامهم. واحتمل ذلك فيها لقلة دورها في الكلام. ولذلك تقديران في العربية صحيان في القياس؛ أحدهما أن تكون (ذو) هو الموضوع لذات الشيء، كما تقول: مررت برجل ذي مال، فذي هو الرجل نفسه وأضفته إلى المال. فإذا قلت: اذهب بذي تسلم، فذي نعت قام مقام المنعوت، كما تقولك مررت بذي مال، وأنت تريد برجل ذي مال، فيكون التقدير اذهب بيوم ذي تسلم أو بوقت ذي تسلم، أي ذي تسلمه، فذو (هو) اليوم والوقت، فلذلك جاز إضافته إلى الفعل كما يضاف الزمان، وقد مضى القول في هذا. ويؤول التأويل إلى أن الإضافة في الحقيقة إلى المصدر، فكأنه قيل: اذهب بسلامك. والوجه الآخر أن تكون (ذو) بمنزلة الذي، وهي لغة للعرب، فكأنه قيل: اذهب بالذي تسلمه، فالهاء مقدرة في المعنى محذوفة من اللفظ، وهو مصدر تقديره اذهب بالسلامة التي تسلمها، وقال الذي وهو يريد السلامة، لأنه مؤنث غير حقيقي فتذكيره جائز، فذهب بالسلامة إلى السلام كما قال عز وجل {فمن جاءه موعظةٌ من ربه} والذي قد تكون مصدراً كما قال عز وجل

<<  <   >  >>