للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنها قد كان يعرفها المخاطب فلا تقع له بها فائدة. فلما كانت الجمل مستفادة علم أنها نكرات، ولذلك لم تجز الكناية عن الجمل، لأن المكاني معارف والجمل نكرات، فلذلك لم تضمر. وكذلك الأفعال لما كانت مع الفاعلين جملاً، كانت نكرات ولم يجز إضمارها.

سؤال آخر على أصحاب هذه المقالة. يقال لهم: فإذا كانت الأفعال نكرات كما ذكرتم، فهلا عفرتموها كما تعرف النكرات، ثم أضفتم إليها كما نفعل ذلك بسائر النكرات، إذا احتيج إلى تعريفها عرّفت؟

الجواب، وهو جواب الجماعة لا ينفرد به قوم دون قوم. وهو أن تعريف الأفعال محال، لأنها لا تضاف، كما أنه لا يضاف إليها. ومنها أن تعريفها بالألف واللام من دلائل الأسماء التي تختص بها. لأنها يشير بها المتكلم إلى عهد بينه وبين من يخاطبه في الذي يدخل عليه الألف واللام. والأفعال غير محصورة على شيء واحد كما ذكرنا فتعرف ذلك الشيء. ومنها أنها كما ذكرنا جملة، ودخول الألف واللام على الجمل محال. ومنها أنها لا تتعرف بالموضع، إلا أن يسمى بها رجل أو امرأة، فإذا سمي بها رجعت إلى أحكام الأسماء، وجاز فيها جميع ما يجوز في الأسماء.

سؤال على أصحاب هذا الجواب. يقال لهم: فقد علمنا أن الأفعال لا يضاف إليها بما تقدم من الاحتجاج لذلك. فلم لا تجوز إضافتها نفسها؟ ؟

الجواب، يقال: لم تجز إضافة الأفعال، لأن الفعل لا ينفك من فاعله كما ذكرنا مضمراً أو مظهراً. والفعل والفاعل جملة بمنزلة المبتدأ وخبره، فكما لا تجوز إضافة الجمل، كذلك لا تجوز إضافة الفعل. ألا ترى أنه غير جائز إضافة قولك زيد منطلق وعبد الله أخوك وهذا زيد، وكذلك قام محمد وخرج أخوك وكذلك ما أشبهه؟

انتهى القول في امتناع الأسماء من الجزم، والافعال من الخفض.

<<  <   >  >>