للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألفاظهم لا يفهمها من لم ينظر في كتبهم، وكثير من ألفاظهم قد هذبّها من نحكي عنه مذهب الكوفيين، مثل ابن كيسان، وابن شقير، وابن الخياط، وابن الأنباري. فنحن إنما نحكي علل الكوفيين على الألفاظ هؤلاء ومن جرى مجراهم، مع أنه لا زيادة في المعنى عليهم، ولا بخس حظ يجب لهم.

قال الكوفيين: إنا لم نشك في أن إعراب الواحد هو الأصل، وما بعده فرع عليه، ولكنه كما اختلفت ألفاظ الاثنين والجميع وأبنيتها وسائر أحكامها. كذلك جاز اختراف الإعراب. ولسنا ندفع أيضاً أن يكون الإعراب حركة. إلا أنه قد يكون أيضاً عندنا حرفاً، لأن الإعراب دليل على المعاني، ولذلك احتيج إليه، فإذا دل غيره دلالته وناب منابه، كانا في ذلك سواء لا فرق بينهما. فنقول إن الإعراب يكون حركة وحرفاً؛ فإذا كان حركة لم يوجد إلا في حرف، لأن الحركة لا تقوم بنفسها. وإذا كان حرفاً قام بنفسه، وأنتم أيضاً مُرّون معنا بأن الإعراب قد يكون حرفاً في بعض المواضع في قولكم: يذهبان وتذهبان وتذهبون وما أشبه ذلك. فقد أجمعنا نحن وأنتم على إن الإعراب في يكون سلب الحركة في الجزم في قولنا: لم يذهب ولم يركب، فجعلنا لفظ ضد الإعراب إعراباً فاجتمعنا جميعاً عليه. فلم يكن لذلك منكراً أن يكون الإعراب في بعض الأحوال حرفاً إذا دعت الضرورة إليه.

قال البصريون: إن جميع ما ذكرتموه متَّفق عليه إلا جعلكم الإعراب في التثنية والجمع حروفاً. وما اتفقنا عليه لا منازعة فيه، وإنما المنازعة فيما وقع فيه

<<  <   >  >>