قال أبو القاسم: ضارب تعمل عمل يضرب. كما أن يضرب أعرب لأنه ضارعه، فكذلك ضارب يعمل عمله لمضارعته إياه، فحمل كل واحد منهما على صاحبه. والمصدر الذي يكون بمعنى "أن فعل" أو "أن يفعل" يعمل عمل اسم الفاعل، لأنه اسم الفعل، وفيه دليل على الفعل. ولا يتقدم مفعوله على فاعله، لأنه لم يقو قوة اسم الفاعل، ولم يجيء على تقديمه وتأخيره وإضمار اسم الفاعل فيه، فلذلك كان أنقص رتبة من اسم الفاعل.
وإن المددة وأخواتها وما - في لغة أهل الحجاز - تعمل عمل الفعل لمضارعتها إياه، ولا يتقدم خبرها عليه، ولا على اسمها، لأنها لم تتصرف تصرف الأفعال، فلذلك لم يجز فيها كل ما جاز في الأفعال. والصفة المشبهة باسم الفاعل، هي أنقص مرتبة من المصدر، لأنها ليست توقع فعلاً سلف منك إلى غيرك، وإنما تعمل فيما هو من سببها، وإنما جاز أن تعمل فيه، لأنها مشبهة باسم الفاعل، لأنها صفة كما أنه صفة، وأنه يثنى ويجمع ويذكر ويؤنث.
المميز يعمل عمل الفعل، ولا يعمل إلا في نكرة، لأنه أنقص مرتبة من الصفة، وإنما هو مشبه به، لأن التنوين، أو تقدير التنوين، أو النون يمنعه الإضافة كما يمنع الفاعل المفعول أن يشتغل به الفعل، وفي جملة الكلام عليه دليل، كما في الفعل دليل على المفعول، فنصب لمضارعته المفعول.