[هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان]
يقول السائل: كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان؟
قوم إذا حاربوا شدوا مآزر ... عن النساء ولو باتت بأطهار
الجواب: إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ولنا في رسول الله أسوة حسنة فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر أكثر مما سبقها من رمضان فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح الحديث: قوله (شدَّ مئزره) أي اعتزل النساء وبذلك جزم عبد الرزاق عن الثوري واستشهد بقول الشاعر:
وذكر ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش نحوه، وقال الخطابي يحتمل أن يريد به الجد في العبادة كما يقال شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له ويحتمل أن يراد التشمير والاعتزال معاً ويحتمل أن يراد الحقيقة والمجاز كمن يقول طويل النجاد لطويل القامة وهو طويل النجاد حقيقة فيكون المراد شد مئزره حقيقة فلم يحله واعتزل النساء وشمر للعبادة قلت: وقد وقع في رواية عاصم بن ضمرة المذكورة (شد مئزره واعتزل النساء) فعطفه بالواو فيتقوى الاحتمال الأول. قوله:(وأحيا ليله) أي سهره فأحياه بالطاعة وأحيا نفسه بسهره فيه لأن النوم أخو الموت وأضافه إلى الليل اتساعاً لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيا ليله بحياته وهو نحو قوله: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً) أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور. قوله:(وأيقظ أهله) أي للصلاة. وروى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة