للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعارض أيضاً بما أخرجه أبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: (أفضلُ الصدقة جهد المقل) وما أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامه مرفوعاً (أفضلُ الصدقة سرٌ إلى فقير وجهد من مقل) وفسره في النهاية بقدر ما يحتمل حال قليل المال. وما أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم وقال: على شرط مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبق درهم مائة ألف درهم فقال رجل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: رجل له مال كثير أخذ من عرضه مائة ألف درهم فتصدق بها ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به فهذا تصدق بنصف ماله) الحديث. وأما الاستدلال بالقياس فغير صحيح لأنه قياس مع الفارق إذ وجوب الفطرة متعلق بالأبدان والزكاة بالأموال. وقال مالك والشافعي وعطاء وأحمد بن حنبل وإسحق والمؤيد بالله في أحد قوليه: إنه يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكاً لقوت يوم وليلة لما تقدم من أنها طهرة للصائم. ولا فرق بين الغني والفقير في ذلك ويؤيد ذلك ما تقدم من تفسيره صلى الله عليه وسلم من لا يحل له السؤال بمن يملك ما يغديه ويعشيه وهذا هو الحق لأن النصوص أطلقت ولم تخص غنياً ولا فقيراً ولا مجال للاجتهاد في تعيين المقدار الذي يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكاً له لا سيما العلة التي شرعت لها الفطرة موجودة في الغني والفقير وهي التطهر من اللغو والرفث واعتبار كونه واجداً لقوت يوم وليلة أمر لا بد منه لأن المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم كما أخرجه البيهقي والدارقطني عن ابن عمر قال (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر وقال: أغنوهم في هذا اليوم) وفي رواية للبيهقي (أغنوهم عن طواف هذا اليوم) وأخرجه أيضاً ابن سعد في الطبقات من حديث عائشة وأبي سعيد فلو لم يعتبر في حق المخرج ذلك لكان ممن أمرنا بإغنائه في ذلك اليوم لا من المأمورين إخراج الفطرة وإغناء غيره وبهذا يندفع ما اعترض به صاحب البحر عن أهل هذه المقالة من أنه

<<  <   >  >>