والمحجوم) لأن في حديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ عام الفتح على رجل يحتجم لثماني عشرة ليلة خلت من رمضان فقال:(أفطر الحاجم والمحجوم) فابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته يومئذ محرم صائم فإذا كانت حجامته عليه السلام عام حجة الوداع فهي ناسخة لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان لأنه توفي في ربيع الأول صلى الله عليه وسلم وإنما وجه النظر والقياس في ذلك بأن الأحاديث متعارضة متدافعة في إفساد صوم من احتجم فأقل أحوالها أن يسقط الاحتجاج بها والأصل أن الصائم لا يقضى بأنه مفطر إذا سلم من الأكل والشرب والجماع إلا بسنة لا معارض له. ووجه آخر من القياس وهو ما قاله ابن عباس:[الفطر مما دخل لا مما خرج] الاستذكار ١٠/ ١٢٥ - ١٢٦.
وممن قال بنسخ حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) الإمام الشافعي والخطابي والبيهقي وابن حزم الظاهري حيث قال فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر: [صح حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) بلا ريب لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: (أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم) وإسناده صحيح فوجب الأخذ به لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجماً أو محجوماً] فتح الباري ٥/ ٨١. ورجح العلامة الألباني أن حديث الإفطار بالحجامة منسوخ فقال: [فائدة: حديث أنس هذا صريح في نسخ الأحاديث المتقدمة (أفطر الحاجم والمحجوم) إرواء الغليل ٤/ ٧٣. ثم قال العلامة الألباني بعد أن ذكر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:[رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبلة للصائم والحجامة]. [قلت: فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه وهو نص في النسخ فوجب الأخذ به كما سبق عن ابن حزم رحمه الله] الإرواء ٤/ ٧٥ وانظر أيضاً الإرواء ٤/ ٨٠.