ولأبي الشيخ من طريق زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحق:(كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا لم يفعلوا شيئاً من ذلك إلى مثلها) فاتفقت الروايات في حديث البراء على أن المنع من ذلك كان مقيداً بالنوم وهذا هو المشهور في حديث غيره. وقيد المنع من ذلك في حديث ابن عباس بصلاة العتمة أخرجه أبو داود بلفظ (كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة) ونحوه في حديث أبي هريرة ... وهذا أخص من حديث البراء من وجه آخر ويحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء لكون ما بعدها مظنة النوم غالباً والتقييد في الحقيقة إنما هو بالنوم كما في سائر الأحاديث وبين السدي وغيره أن ذلك الحكم كان على وفق ما كتب على أهل الكتاب كما أخرجه ابن جرير من طريق السدي ولفظه:(كتب على النصارى الصيام وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا بعد النوم وكتب على المسلمين أولاً مثل ذلك حتى أقبل رجل من الأنصار) فذكر القصة. ومن طريق إبراهيم التيمي (كان المسلمون في أول الإسلام يفعلون كما يفعل أهل الكتاب إذا نام أحدهم لم يطعم حتى القابلة) ويؤيد هذا ما أخرجه مسلم من حديث عمرو بن العاص مرفوعاً: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر] فتح الباري ٤/ ١٦٧. وقال القرطبي في تفسير الآية السابقة: [قوله تعالى "أحل" لفظ أحل يقتضي أنه كان محرماً قبل ذلك ثم نسخ روى أبو داود عن ابن أبي ليلى قال: وحدثنا أصحابنا قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح قال: فجاء عمر فأراد امرأته فقالت: إني قد نمت فظن أنها تعتل فأتاها فجاء رجل من الأنصار فأراد طعاماً فقالوا: حتى نسخن لك شيئاً فنام فلما أصبحوا أنزلت هذه الآية وفيها: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}] تفسير القرطبي ٢/ ٣١٤.