وفرض على كل مكلف ومكلفة بعد تعلمه علم الدين والهداية تعلم علم الوضوء والغسل والصلاة والصوم وعلم الزكاة لمن له نصاب والحج لمن وجب عليه والبيوع على التجار ليحترزوا عن الشبهات والمكروهات في سائر المعاملات وكذا أهل الحرف وكل من اشتغل بشيء يفترض عليه علمه وحكمه ليمتنع عن الحرام فيه] حاشية ابن عابدين ١/ ٤٢. وقال الإمام النووي:[ ... فرض العين وهو تعلم المكلف ما لا يتأدى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به ككيفية الوضوء والصلاة ونحوها] المجموع ١/ ٤٢.
فهذا النوع من العلم هو الذي لا يسع المسلم أن يجهله، وهو علم العامة كما قال الإمام الشافعي:[قال لي قائل: ما العِلْمُ؟ وما يَجِبُ على الناس في العلم؟ فقلت له: العلم عِلْمان: علمُ عامَّةٍ، لا يَسَعُ بالِغاً غيرَ مغلوب على عقْلِه جَهْلُهُ. قال: ومِثْل ماذا؟ قلت: مثلُ الصَّلَوَاتِ الخمس، وأن لله على الناس صومَ شهْر رمضانَ، وحجَّ البيت إذا استطاعوه، وزكاةً في أموالهم، وأنه حرَّمَ عليهم الزِّنا والقتْل والسَّرِقة والخمْر، وما كان في معنى هذا، مِمَّا كُلِّفَ العِبادُ أنْ يَعْقِلوه ويعْملوه ويُعْطُوه مِن أنفسهم وأموالهم، وأن يَكُفُّوا عنه ما حرَّمَ عليهم منه. وهذا الصِّنْف كلُّه مِن العلم موجود نَصًّا في كتاب الله، وموْجوداً عامًّا عنْد أهلِ الإسلام، ينقله عَوَامُّهم عن مَن مضى من عوامِّهم، يَحْكونه عن رسول الله، ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم. وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط مِن الخبر، ولا التأويلُ، ولا يجوز فيه التنازعُ. قال: فما الوجه الثاني؟ قلت له: ما يَنُوبُ العِباد مِن فُروع الفرائض، وما يُخَصُّ به مِن الأحكام وغيرها، مما ليس فيه نصُّ كتاب، ولا في أكثره نصُّ سنَّة، وإن كانت في شيء منه سنةٌ فإنما هي مِن أخْبار الخاصَّة، لا أخبارِ العامَّة، وما كان منه يحتمل التأويل ويُسْتَدْرَكُ قِياسًا] الرسالة ص ٣٥٧ - ٣٥٩.