٤٠٨ - نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ مُؤَذِّنِينَ بِلَالٌ وَأَبُو مَحْذُورَةَ وَعَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَذَّنَ عَمْرٌو فَإِنَّهُ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَلَا يَغُرَّنَّكُمْ، وَإِذَا أَذَّنَ بِلَالٌ فَلَا يَطْعَمَنَّ أَحَدٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا خَبَرُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا؛ لِأَنِّي لَا أَقِفُ عَلَى سَمَاعِ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ الْأَسْوَدِ، فَأَمَّا خَبَرُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَصَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَلَيْسَ هَذَا الْخَبَرُ يُضَادُّ خَبَرَ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَخَبَرَ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، إِذْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ جَعَلَ الْأَذَانَ بِاللَّيْلِ نَوَائِبَ بَيْنَ بِلَالٍ وَبَيْنَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَمَرَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ أَوَلَا بِاللَّيْلِ، فَإِذَا نَزَلَ بِلَالٌ صَعِدَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَذَّنَ بَعْدَهُ بِالنَّهَارِ، فَإِذَا جَاءَتْ نَوْبَةُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بَدَأَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَأَذَّنَ بِلَيْلٍ، فَإِذَا نَزَلَ صَعِدَ بِلَالٌ فَأَذَّنَ بَعْدَهُ بِالنَّهَارِ، وَكَانَتْ مَقَالَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتِ النَّوْبَةُ لِبِلَالٍ فِي الْأَذَانِ بِلَيْلٍ وَكَانَتْ مَقَالَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنُّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتِ النَّوْبَةُ فِي الْآذَانِ بِاللَّيْلِ نَوْبَةَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْلِمُ النَّاسَ فِي كُلِّ الْوَقْتَيْنِ أَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا هُوَ أَذَانٌ بِلَيْلٍ لَا بِنَهَارٍ، وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا، وَأَنَّ أَذَانَ الثَّانِي إِنَّمَا يَمْنَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ إِذْ هُوَ بِنَهَارٍ لَا بِلَيْلٍ فَأَمَّا خَبَرُ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ وَمَا يُؤَذِّنُونَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَإِنَّ لَهُ أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يُؤَذِّنُ جَمِيعُهُمْ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرَ لَا أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَلَا تَرَاهُ أَنَّهُ قَدْ قَالَ فِي الْخَبَرِ: إِذَا أَذَّنَ عَمْرٌو فَكُلُوا وَاشْرَبُوا، فَلَوْ كَانَ عَمْرٌو لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ لَكَانَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ عَلَى الصَّائِمِ بَعْدَ أَذَانِ عَمْرٍو مُحَرَّمَيْنِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ أَرَادَتْ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ الْأَوَّلُ فَيُؤَذِّنُ الْبَادِي مِنْهُمْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ لَا قَبْلَهُ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ لِمَنْ أَرَادَ الصَّوْمَ إِذْ طُلُوعُ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ بِلَيْلٍ لَا بِنَهَارٍ، ثُمَّ يُؤَذِّنُ الَّذِي يَلِيهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ نَهَارٌ لَا لَيْلٌ، فَهَذَا مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[التعليق]٤٠٨ - قال الأعظمي: إسناده كالذي قبله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute