للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

((فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨)) .

هنا نهاية الطريق أمامهم.

فهم لا يعرفون أكبر من الشمس في الكواكب

فإذا أفلت كغيرها فليس بين الكواكب ما يستحق العبادة.

إنَّه منهج الخليل في الحوار.

لم يعبد غير ربِّه لحظة واحدة.

ولكنَّه كتم عقيدته حتى يترفق بالناس. . . .

وأؤكد هذا الفهم بالأدلة الآتية: -

أولا: - إن الحديث عن الكواكب جاء بعد الحديث عن الأصنام

قال تعالى: ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٧٤)) .

ومعلوم أن الحديث عن الأصنام يدل على معرفة كاملة بالله تعالى. . . .

ثانيا: - الحديث عن النجوم جاء بعد أن أطلع الله تعالى إبراهيم على ملكوت السماوات والأرض. . . .

قال تعالى: في الآية - ٧٥ - من سورة الأنعام ((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)) . .

فكيف يتصور من إبراهيم عليه السلام الشك؟ ؟

وقد رأى - بعين اليقين - ملكوت السَّمَاوَاتِ والأرض

((إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)) .

أجل: - إن إبراهيم ليس مشركا لكنه مُعلِّمٌ.

فهو يذكر عقيدة الخصم ثم يرتب عليها المستحيل ليثبت بطلانها وهذه الطريقة من أرقى طرق الجدل الحديث.

إن إبراهيم ليس مشركا ولا شاكًّا في الله لأنه أجرى حواره على أمثلة ثلاثة فقط هي:

الكوكب. . . . . .

القمر. . . . .

الشمس. . . .

ثم أصدر حكما عاما ينطبق على كل شيء في الوجود فقال: -

((إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا)) .

فكيف يبني حكما عاما على استقراء ناقص.

الحق إن إبراهيم قصد بهذا الحوار العظيم تعليم بطلان عبادة النجوم مع علمه السابق بعظمة الله رب العالمين. . .

وبعد: -

إن بقايا عبادة النجوم لم تزل في قلوب بعض الناس

<<  <   >  >>