قلت: الذي عليه جمهور السلف والخلف - ومنهم الأئمة الأربعة المتبوعون - جواز نقل الرواية بالمعنى في الأحاديث المرفوعة وغيرها للعدل الذي هو عارف بدلالات الألفاظ واختلاف مواقعها. واستثني من ذلك ما تعبد بلفظه كالتشهد والقنوت ونحوهما، وما هو من جوامع كلمه ﷺ التي افتخر بإنعام الله عليه بها. ونقل القرطبي عن بعض المتأخرين أن الخلاف في هذه المسألة إنما يتصور بالنظر إلى عصر الصحابة والتابعين، لتساويهم في معرفة اللغة الجِبَّلّيَةِ الذوقية، وأما من بعدهم، فلا شك في أن ذلك لا يجوز، إذ الطباع تغيرت، والفهوم قد تباينت، والعوارف قد اختلفت. قال: وهذا هو الحق. قلت: ويتأكد ذلك في عصرنا هذا أن الكتب المصنفة، كالسنن والمسانيد قد حُققت على أصول معتدًّ بها وتوثق منها، وضبطت ألفاظها ضبطًا صحيحًا من قبل أهل العلم الذين بلغوا الغاية في هذا المجال. (١) قال ابن رجب في "شرح العلل" ١/ ١٥٩ تعليقًا على قول الترمذي: مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كثير أحدٍ من الأئمة مع حفظهم: وهو كما قال، فقد قال ابن معين: لست أعجب ممن يُحدث فيخطئ، وإنما أعجب ممن يحدث فيصيب. وقال ابن المبارك: ومن يسلم من الوهم؟! وقد وهّمت عائشة ﵂ جماعة من الصحابة في رواياتهم للحديث، وقد جمع بعضهم جزءًا في ذلك. =