للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عيسى: وقد اخْتلفَ الأئمَّةُ من أهْلِ العلمِ في تَضعيفِ الرِّجالِ كما اخْتلفُوا فيما سِوَى ذلكَ من العلمِ (١)، ذُكِرَ عن شُعبةَ أنَّهُ ضعَّفَ أبا الزُّبَيْرِ المَكَّيَّ وَعبد الملكِ بن أبي سُليمانَ وحَكيمَ بن جُبَيْرٍ، وَتَرَكَ الرَّوايةَ عَنهُم، ثمَّ حَدَّثَ شُعبةُ عَمَّنْ هو دونَ هؤلاءِ في الحِفْظِ والعدالةِ؛ حَدَّثَ عن جابرٍ الجُعفيِّ وَإبراهيمَ بن مسلمٍ الهَجَريَّ ومحمدِ بن عُبَيد اللهِ العَرْزميِّ، وغَيرِ واحدٍ مِمَّن يُضَعَّفُونَ في الحديثِ.

حدَّثنا محمدُ بن عمرِو بن نَبْهانَ بن صَفْوانَ البصريُّ، حدَّثَنا أُمَيَّة بن خَالدٍ، قال: قلتُ لِشُعبةَ: تَدعُ عبد الملكِ بن أبي سليمانَ وتُحدِّثُ عن محمدِ بن عُبَيْد اللهِ العَرْزميَّ؟ قال: نعمْ.

قال أبو عيسى: وقد كان شعبةُ حَدَّثَ عن عبد الملكِ بن أبي سليمانَ، ثمَّ تَركَه، ويقالُ: إنّما تَركَه لَمَّا تَفرَّدَ بالحديثِ الذي رَوَى عن عطاءِ بن أبي رباحٍ، عن جابرِ بن عبد اللهِ، عن النَّبيَّ قال:


(١) قال الإمام المنذري في "أجوبته" عن أسئلة في الجرح والتعديل ص ٨٣: واختلاف هؤلاء المحدثين في الجرح والتعديل كاختلاف الفقهاء، كل ذلك يقتضيه الاجتهاد، فإن الحاكم إذا شُهِدَ عنده بجرح شخص اجتهد في أن ذلك القدر مؤثر أم لا، وكذلك المحدث إذا أراد الاحتجاج بحديث شخص، ونُقِلَ إليه فيه جرح اجتهد فيه هل هو مؤثر أم لا؟
ويجري الكلام عنده فيما يكون جرحًا في تفسير الجرح وعدمه، وفي اشتراط العدد في ذلك كما يجري عند الفقيه، ولا فرق بين أن يكون الجارح مخبرًا بذلك للمحدث مشافهة أو ناقلًا له عن غيره بطريقه، والله ﷿ أعلم.

<<  <   >  >>