للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جرح فتمسك به واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه فتندم، ومن شذ منهم فلا عبرة به، فخل عنك العناء وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الكبار؛ لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعوذ بالله من الخذلان" (١).

في عرفهم لا يسمى طالب العلم حافظاً، إلا بعد ضبط (مليون) حديث، ولُقْي مئات الشيوخ، ومُثَافَنَتِهم في الركب، مع كتابة الأجزاء ومدارسة الزملاء.

وفي زماننا مَن قرأ صفحات، ورتل آيات، وأنشد أبياتاً، وأبدى آهاتٍ؛ فالمنبر مكانه، والعلم اختصاصه وشَأْنُهُ، وهو حقيقةً قد شَنَأَه وشَانَه، هو عند العامة كلُّ شيء، وهو حقيقة: لا شيء.

في زماننا يأتي من قرأ متناً في علم المصطلح، ومارس التخريج سُنَيَّاتٍ قليلة؛ ليحاكم الأئمة الأعلام، فهذا أحدهم يقول: ما هكذا تُعَلُّ الأحاديث يا ابن المديني ثم يضع ما شاء الله من علامات التعجب والاستفهام، وآخر يتعقب الإمام عبد الرحمن بن مهدي لأنه أطلق المنكر على الشاذُّ، وآخر يحاكم ابن أبي حاتم في قوله عن إسناد: بأنه منكر تفرد به فلان ... ، وآخر يقول عن مقول ابن أبي حاتم: وحديث عبد الوارث أشبه. ... العلل ٢/ ١٩٧

يقول: ولا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى ... انظر: تعليق المحققين على مسند أحمد ط. الرسالة ٣٨/ ٤٨.

فإلى الله المشتكى من تطاول الأقزام على الأعلام.


(١) سير أعلام النبلاء ١١/ ٨٢ في ترجمة يحيى بن معين - رحمه الله -.

<<  <   >  >>