٢) والطائفة الثانية، يرون الرجل قد تكلم فيه؛ بسبب حديث رواه، وضعف من أجله، فيجعلون هذا سبباً لتضعيف حديثه أين وجدوه، فيضعفون من حديثه، ما يجزم أهل المعرفة بالحديث بصحته، وهذا باب قد اشتبه كثيراً على غير النقاد.
والصواب: ما اعتمده أئمة الحديث ونقاده، من تنقية حديث الرجل، وتصحيحه، والاحتجاج به في موضع، وتضعيفه وترك حديثه في موضع آخر، وهذا فيما إذا تعددت شيوخ الرجل ظاهر، كإسماعيل بن عياش في غير الشاميين؛ وسفيان بن حسين في غير الزهري، ونظائرهما متعددة، وإنما النقد الخفي إذا كان شيخه واحداً، كحديث العلاء بن عبد الرحمن مثلاً عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - فإن مسلماً يصحح هذا الإسناد، ويحتج بالعلاء، وأعرض عن حديثه في الصيام بعد انتصاف شعبان، وهو من روايته، وعلى شرطه في الظاهر، ولم ير إخراجه لكلام الناس في هذا الحديث، وتفرد وحده به، ... =
= وهذا أيضاً كثير، يعرفه من له عناية بعلم النقد، ومعرفة العلل، وهذا إمام الحديث البخاري، يعلل حديث الرجل؛ بأنه لا يتابع عليه، ويحتج به في صحيحه، ولا تناقض منه في ذلك. ا. هـ (١).
ومن التضعيف النسبي ما قال ابن حجر في هدي الساري ص ٣٩ - ٤٠ في ترجمة (عبد ربه بن نافع الكناني): " احتج الجماعة به سوى الترمذي والظاهر أن تضعيف من ضعفه إنما هو بالنسبة إلى غيره من أقرانه كأبي عوانة وأنظاره".
(١) تهذيب السنن ٥/ ٣٢٦، وانظر الفروسية ص ٢٣٨ - ٢٤٢ ط. مشهور، وفي هذا الموضوع رسالة د. صالح الرفاعي (الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم) في مجلد، رسالة ماجستير ١٤٠٧ هـ، وانظرشرح العلل لابن رجب ٢/ ٥٥٢.