للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١١ - ثمّ يقال لهؤلاء: هل أنتم مؤمنون .. ؟ ! ؟ فيقولون: نعم, فيقال لهم: لقد أمر الله عز وجل المؤمنين حين التنازع بالرد إلى الله تعالى، وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - , فقال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... } [النساء: ٥٩].

فكيف تردون التنازع إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - اليوم .. لا يمكن ذلك اطلاقاً إلا بالرجوع إلى سنته .. ومحال أن يأمر الله المؤمنين بالرجوع إلى سنة نبيه دون أن يكون قد حفظها لهم .. وإلا يكون قد أحالهم إلى هوى وضلال فهل من مدّكر .. ؟ ! ؟

١٢ - من خلال ما سبق يدرك كل بصير متأمل؛ أن دعوة فصل السُّنة عن القرآن، والتشكيك بها إنما هي لإضعاف الإيمان بها، وهي دعوة بالغة الخطورة والفساد على المسلم، بل هي كفر صريح، ومؤامرة كبيرة، لا يقبلها إلا جاهل جهلاً مكعباً، أو خبيث نفس، عدو لله وللإسلام والمسلمين.

وإن تعجب؛ فاعجب من إخبار الله تعالى ورسوله لنا عن هؤلاء القوم قبل ألف وأربعمائة سنة، وحذرنا منهم منذ نزول وحيه؛ القرآن والسنة، بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٥٠ - ١٥٢].

فسبحان علام الغيوب، كيف أعمى بصائرهم حتى عن هذه الآية التي تفضحهم .. ؟ ! ؟

وأخبر عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث المقدام بن معدي كرب الكندي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع)) (١).


(١) [رواه أبو داود (٤٦٠٤) وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢٦٤٣)].

<<  <   >  >>