للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٧ - ثم كيف عرفنا أن محمداً هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن هذا كتاب ربنا ودينه .. لولا بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبليغه لنا بذلك.

علماً؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن أول ما نطق به بعد البعثة هو القرآن، وإنما أخبرهم أنه يوحى إليه، وكذلك لم يكن كل حياته لا ينطق إلا بالقرآن.

فعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: ((فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فَجُئِثْتُ منه رعباً، فرجعت فقلت: (زملوني زملوني) فدثروني، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (١).

وعن طارق بن عبد الله المحاربي - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ في سوقِ ذي المَجازِ وعليهِ حلَّةٌ حمراءُ وهو يقول: ((يا أيُّها النَّاس: قولوا لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُفلِحوا)) (٢).

ثم كيف صدقته أنه يوحى إليه, ولم تقبل بعد ذلك ما أوحى إليه .. مما أمرك به، أو نهاك عنه، من غير القرآن.

أيفعل هذا رجل عاقل .. فضلاً عن كونه مؤمن؟ ؟ ! !

فإذا لم يُقبل إلا القرآن، فلا يُقبل إذن كلامه - صلى الله عليه وسلم - أنه يوحى إليه؛ لأنه ليس قرآناً، ولازمه أن لا يقبل منه القرآن.

وعليه؛ لا يمكن لأحد أن يدخل الإسلام إلا بعد أن يَقبل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهيه .. وحتى إذا لم يكن أمره الذي أمر به، أو نهيه الذي نهى عنه، موجوداً في القرآن الكريم، ولو كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مطاعاً فيما ورد في القرآن فحسب، لما أطلق الله الأمر بطاعته {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... } ولقيّد الله طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - .. ولقال مثلاً: (أطيعوا الرسول ولا تعصوه فيما ورد من القرآن) فتدبّر فهو هدىً للمتدبرين.


(١) [رواه البخاري ٤٩٢٥ ومسلم ١٦١].
(٢) [رواه أحمد (١٦٠٢٣) والحاكم (٤٢١٩) وابن حبان (٦٥٦٢) وابن خزيمة (١٥٩) وصححه الألباني في التعليقات الحسان رقم (٦٥٢٨)].

<<  <   >  >>