السماوية، بكل ما يتعلّق بها من ملايين المجرّات والنجيمات والذّرات، تلتزم تماماً، في كل حركاتها ومساراتها، مَسَالِكَ مُعينة، تؤدي إلى تحقيق غايات، وخصوصاً فيما يتعلق بالأرض ومن عليها وما عليها مع دَوَرَانات الفصول وتعاقب الليل والنهار وحركة الكون الكلية. إنّ هذا معناه أن كل هذه الأجرام السماوية مُسَخَّرةٌ مقهورة، والعقلُ يَقضِي بأن المُسَخَّر مُختَرَعٌ مخلوق بالضرورة.
الدليل الثاني: دليل العناية. وهذه العناية ـ كما يقولُ ابن رُشد ـ مِحوَرُها الإنسان خاصّة. فنحن نلاحظ أن جميع نظام العالم من الشمس والقمر والليل والنهار، وكل ما ظهر على الأرض ملائمٌ للحياة الإنسانية، بل إن تركيبة الإنسان نفسه ملائمة لحياته على الأرض، الأمر الذي نلاحظه وندركه بالحس والعقل، وهو مر يَقضي بأن هذه المُلاءمة، ناشئةٌ عن فِعل خالقٍ مدبّر حكيم قَصَدَ ذلك وأراده سبحانه، وأنّ عِلّةَ الرعَاية والعناية قائمةٌ في عِلّة الإيجاد والخلق معاً وجميعاً ودائماً ...
نذكر أيضاً فيما نذكر، بعض الشواهد الأخرى، فيما أخذه المفكرون من آيات القرآن الكريم، وفيها أدلّةٌ نظريّة علمية منطقية في بِنائها ...