للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأشعري مثلاً (أبو علي الحسن بن إسماعيل الأشعري ت٣٢٤ هـ) وصاحب مقالات الإسلاميين وغيرها من الروائع في الفكر الإسلامي ... الأشعري (٧) يقول فيما يقول: هذا الإنسان الذي نراه في حال كمال نموّه البَدَني، قد تطوّر من مبادىء بسيطة. ونلاحظ أن هذه مقدمة حسّية. ولكنّ هذا الإنسان ذاته، يعلم علم اليقين، أنه ليس هو الذي يَنقُل نفسه من طور إلى طور، أو من مرحلة إلى مرحلة، «لأنه حتّى وهو في حال كمال قوّته لا يستطيع أن يخلق لنفسه حاسّةً أو جارحةً» . وهذا يدل فيما يدلّ، على أنّه، عندما كان في بداية أمره، وأول نشأته، أعجز عَن أن يخلق لنفسه ذلك:. ثم هو يعلم تماماً أنه ليس هو الذي ينقل نفسه من حال الشباب والفُتُوَّة، إلى حال الكبر والشيخوخة والهَرَم والعَجز، بدليل أنه لا يستطيع أن يُعيد أو يردّ نفسه إلى الشباب، ثم هو لا يستطيع أبداً أن يمنع عن نفسه الموت، فهو من البداية إلى النهاية عاجز، وكل هذا يدركه بالحس والعقل معاً وجميعاً.

وإذن: فبما أن الإنسان ليس هو الذي يطوّر نفسه، وبما أنه محمولٌ على التطور، فإنه ليس هو الذي أوجد نفسه، لأنه لا يملك من أمر ظهوره أو نهايته أو أمر ميلاده أو موته شيئاً، ولابد لهذا من الإيمان بموجد هو الذي أوجده وخلقه وهو الذي يدبّر أمره، لأنه صاحب الخلق والأمر في الحياة والموت على السواء.

<<  <   >  >>