للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونلاحظ أن الأشعري بعد هذا العرض السخيّ الثريّ، عن العلّة الكافية الراعية للكائنات والمخلوقات، يؤكد أن من يجحد ذلك يُصادم قوانين العقل وبديهياته، كما يؤكد ويثبت، أن الخالق الأوحد الأعظم لا يمكن أن يكون جسماً على الإطلاق، ويؤكد ويثبت كل صفات الكمال للإله الحق، وهي صفات الخَلق والإيجاد والتدبير والعناية والرعاية. ومن الواضح أن الأشعري حين يدور حول ظاهرة الإنسان في إثبات آرائه وأدلته، فإنه يؤكد في نفس الوقت ومع نفس الحجة، أن الفكرة التي يقوم عليها تشمل كل شيء حادث أو كائن، يسيرُ حسب قوانين ثابتة هي سنُّةُ الله في خَلقه، كما يقول القرآن بأفصح وأدق بيان والعالم كلُّه كذلك.

ونعود فنقول إن الآيات التي أخذ منها الفلاسفة والعلماء، دليل الإتقان أو الأحكام أو الرعاية والعناية، تتواصل مع آيات أخرى كريمة، هي في ذاتها أَقرب أو أشبه بالأدلّة المنطقية لإثبات وجود الله. وحسبنا أن نذكر منها هذه الآيات القصيرة المحكمة، والموجّهة بالذات إلى المنكرين الجاحدين:

?أم خُلِقوا من غير شيءٍ أم هُمُ الخالقون ... ? ?أم خَلَقُوا السموات والأرض بل لا يُوقنون ... ? ?أم لهم إلهٌ غيرُ الله، سبحانَ الله عما يُشركون? (الآيات ٣٥ ـ ٣٦ ثم ٤٣ من سورة الطور) .

والناظر الباصر المتأمّل لهذه الآيات القصيرة الحاسمة في صُورها المنطقية الرائعة، يتبيّن له، أنها تَتَضَمَّنُ بيان الاحتمالات الممكنة، بحسب العقل، فيما يتعلق بتعليل هذه الأشياء الحادثة التي نراها:

<<  <   >  >>