حقيقة هامة يجب أن ندركها من القرآن، ومن شواهد الآراء لكثير من علماء وفلاسفة الإسلام، وهي أن الله سبحانه الموصوف بكل صفات الكمال ?لا تدركه الأبصار وهو يُدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير? (الآية ١٠٣، الأنعام) إن هذا معناه، أنّ كُنهُ ذات الله تعالى لا يُدرك. لهذا لا نجد كلاماً عن ماهيّة الله، أي عن حقيقته في ذاته، ولا عن هويّته، أي من هو؟ حتى مع وجود المناسبات الداعية إلى ذلك، إنما نجد كلاماً عن أفعاله وأنه هو الخالق الأوحد المدبّر لكل شيء، والذي بيده الأمر كله ... نرى هذا في صورة بيانية رفيعة، لا حدّ لروعتها ولا لوصفها على الإطلاق، في حوار موسى وفرعون، بلسان القرآن الحكيم: ?قال فرعون وما ربُّ العالمين قال ربّ السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين قال إنّ رسولكم الذي أُرسل إليكم لمجنون قال ربّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون? (الآيات ٢٣ ـ ٢٨، الشعراء) .