ولسانه على ذلك: خلق، كما أنّ طبعه على الميل إلى المحبوب، والازورار عن المكروه جبل» على أننا نجد آيات طيّبات في القرآن، توجّه الإنسان إلى الإيمان بالإله الحق، عن طريق الترهيب والترغيب، أي عن طريق التأثير النفسي، مع الاستعانة، بما يثير الوجدان، ومن ذلك على سبيل المثال:
?والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ يَحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاهُ حِسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحرٍ لجيٍّ، يغشاهُ موجٌ مِن فوقه سحابٍ ظلماتٌ بعضُها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور? (الآية ٣٩ و ٤٠، النور) .
?يا أيها الناس اتقوا ربكم إنّ زلزلة الساعة شيءٌ عظيم ... يَومَ تَرَونَهَا تَذهَلُ كلُّ مُرضِعَةٍ عمّا أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد? (الآية ١ ـ ٢، الحج) .
?ومن يُشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريحُ في مكان سحيق? (الآية ٣١ من الحج) .
والذي لا شك فيه، أنّ في هذه الآيات وأمثالها، اتساقاً بين روح الموعظة، وبين التفكير المنطقي، على صورة طبيعية بسيطة، يهدف فيما يهدف إلى الإقناع والتوجيه للسامع أو القارئ المتصوّر للمشاهد الرهيبة، عن طريق دعوته للموازنة والمقارنة، بين ما يدعو إلى الفزع، وبين ما يدعو إلى الأمان، وبين ما يدعو إلى القلق والخوف، وبين ما يدعو إلى السكينة والاطمئنان.
إنّ هذا معناه، أنّ في القرآن، أنواعاً من الأدلّة على وجود الله، لها شواهدُها وملامحها، في أفكار وآراء علماء وفلاسفة الإسلام، وهذه الأدلة القرآنية، منها، ما هو ذو طابَعٍ علمي فلسفيٍّ، ومنها ما لَهُ طابَعُ نظريٌّ منطقيّ، ومنها أدلةٌ إقناعيّة متنوعة، تكفي لإقناع الإنسان على أساس نفسيّ وكلُّها جميعاً في تواصُلها، لا تقطع النسب أو الصلة بين الفكر والواقع.