للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ ـ دليل التناهي: تناهي هذا العالم من حيث امتداده المكاني، ومن حيث مدة زمانه، ومن حيث حركته.

٢ ـ دليل التغير، وهذا شاهد فيما يعتري الأشياء من أحوال التغيرات، من وحدة وكثرة وتركيب وانحلال، وتتابع هذه الأحوال يدل على أنها ليست للأشياء بحكم طبيعتها، فلابدّ أن تكون راجعةً لعلّةٍ خارجةٍ عنها.

٣ ـ الدليل المنطقي التحليلي، وخلاصته أن الحادث يستحيل أن يكون علّةً لحدوث نفسه أو ذاته، لما في ذلك من تناقض واضح.

٤ ـ الدليل الغائي، وهو عند الكندي على صورة واضحة، تجمع بين الاعتماد على الحسّ وعلى العقل.

فإذا انتقلنا إلى الفارابي المثاليّ النزعة، فإننا نجده يؤثر طريق التأمل لمفهوم الوجود، وتحليل هذا المفهوم، أو كما يقول الفارابي (١٥) :

«الموجودات على ضربين: أحدهما إذا اعتبرنا ذاته لم يجب وجوده، وهو يسمى ممكن الوجود، والثاني إذا اعتبرنا ذاته، وجب وجوده، وهو يسمى واجب الوجود، وهو الله. فإذا فرضنا أن ممكن الوجود غير موجود، لم يلزم عن ذلك محال، فإذا وجد فلا غنى لوجوده عن علّة، ولا يجوز أن تمر العلل بلا نهاية،

بل لابد أن تنتهي إلى شيء واجب الوجود وهو الله. وهذا الدليل يمكن ن نسميه: دليل الإمكان» .

وعند الفارابي دليل آخر، يقوم على التمييز بين حقيقة الأشياء أو ماهيتها (مثل الإنسانية بالنّسبة لأفراد الإنسان) ، وبين وجودها المتشخّص المشار إليه، أو هويّتها (مثل أفراد الإنسان) . فبما أن للممكنات ماهيّة وهويّة، وليست الأولى داخلة في الثانية، ولا الثانية في الأولى، ولا إحداهما تقتضي الأخرى، فإنهما إذا اجتمعتا، فلابدَّ لهما، من مبدإٍ مغايرٌ له ماهيّته، عين هويّته» .

ولا يخرج ابن سينا في أدلته على وجود الله، على منهج الفارابي وفكر الفارابي، وإن كان ابن سينا أكثر تفصيلاً وأرواع أسلوباً، وهذا واضح تمام الوضوح في سائر كتبه ومباحثه ولا سيما الإشارات.

<<  <   >  >>