للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقال إنه لم تلد امرأة خليفتين إلا ولادة أم الوليد وسليمان ابني عبد الملك وغير أم يزيد بن الوليد الناقص وأخيه إبراهيم، وغير الخيزران أم موسى الهادي وهارون الرشيد.

وكان موسى أول ولايته لا يخالف أمه في أمر إلى أن أكثرت وسألته يوماً في حاجة لعبد الله بن مالك بعد أربعة أشهر من خلافته، فغضب الهادي وقال: ويلي على ابن الفاعلة، والله لا قضيتها لك. قالت: إذاً والله لا أسألك حاجة أبداً. قال: مكانك فاسمعي كلامي، والله لئن بلغني أنه وقف أحد من قوادي أو خاصتي لأضربن عنقه ولأقبضن ماله. فمن شاء فليلزم ذلك. ما هذه المواكب التي تغدو إلى بابك كل يوم؟!. أمالك مغزل فيشغلك، أو مصحف فيذكرك، أو بيت يصونك؟. إياك أن تفتحي بابك في حاجة لملي أو ذمي. وانصرفت وهي

ما تعقل، فلم تنطلق بعد ذلك عنده بحلو ولا مر، وتخلفت عنه، فيقال إنها دست إليه بعض جواريه فسقته فمات. ويقال: بل مات بأجله، فلما قيل لها إنه يسيل قالت: وما أصنع به؟. فقال لها خاصتها ليس هذا وقت تعتب، فقالت: أعطوني ما نتطهر به للصلاة، ثم قالت: إنا كنا نتحدث أنه يموت في هذه الليلة خليفة ويلي خليفة ويولد خليفة، فمات الهادي وتملك هارون (الرشيد) وولد المأمون.

ولما مات موسى الهادي أتى إلى الخيزران من عرفها. قالت: إن كان مات موسى فقد بقي هارون، وقالت لخادمها: هات لي سويقاً فشربته وسقت منه زينب بنت سليمان بن علي وأختها أم الحسين، وعائشة أختها، وريطة أم علي بن المهدي، وفرقت عليهن أربعمائة ألف درهم، ثم قالت: ما فعل ابني هارون؟. قالوا لها: حلف ألا يصلي الظهر إلا ببغداد. فارتحلت فلحقته.

وولي موسى الخلافة وهو ابن واحد وعشرين سنة وشهور ولم يل الخلافة أحد أصغر منه إلا المقتدر، فانه ولى وهو ابن أحد عشر سنة.

وكانت في موسى سكاكة شديدة وصعوبة مرام، وسوء ظن ن وكان يجب ألا يسأل، فإذا أعطى أجزل من نفسه ابتداء. وكان يكرم الأدب

<<  <   >  >>