وكان الزبرقان شاعراً مفلقا، فلم يرد على الحطيئة، ولا رضي لنفسه مناقضته، كما فعل بالمخبل القريعي إذ كان الحطيئة دون المخبل في الشرف، واستعدى عليه عمراً فأنصفه منه. وكان الزبرقان شريفاً، ولم يرتد بمنع الزكاة كما فعل نظراؤه، بل كان أول من دخل المدينة على الصديق بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بصدقات قومه، فقدم بإبل كأنها عروق الأرطى. والأرطى شجر له عروق حمر، فجهز بها أبو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد إلى أسد وغطفان، وهم على بزاخة مرتدين مع طليحة بن خويلد الفقعسي وفيهم الحطيئة، وهو مرتد، وهو القائل:
ألا كل أرماح قصار أذلة ... فداء لأرماح نصبن على الغمر
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فيا ليت شعري ما لدين أبي بكر
أيورثها بكراً إذا مات بعده ... فتلك لعمر الله قاصمة الظهر
ثم حسن إسلامه بعد ذلك.
وقال الزبرقان:
وفيت بأذواد الرسول وقد أتت ... سعاة فلم يردد بعيراً مجيرها
وإني لمن قوم إذا عد سعيهم ... أتى المخربات حبها وقتيرها
وقال الفرزدق إن الطرماح يهجوني لأرفعه. إيهات، ايهات! عليت دونه القضب.
عليت: ارتفعت. من عالت الفريضة أي ارتفعت. والقضب القصائد، وأحدها قضيب، أي مقضوب. والذي هجا به الطرماح الفرزدق قوله: