فقال: يا أبا نجم من كان أبوك في قومه؟. قال: كان في أوسطهم، لم يسدهم، ولم يتخلف عنهم. فرجع إليه ثانية ففطن أنه من قبل عمرو، فقال الرجل: ما كان مال أبيك؟. فقال: كانت له صرمة يمنح منها ويقرى، ولم يكن أهتم سلاحاً. والأهتم أسمه سنان بن سمى والذي هتمه قيس بن عاصم ضربه بطرف قوسه فكسر فمه.
وجعل عمرو بن الأهتم لرجل ألف درهم على أن يسفه الأحنف، فأتاه الرجل وسبه بما يغضب والأحنف مطرق لا يكلمه، فأقبل الرجل يعض إبهامه ويقول: واسوأتاه! والله ما يمنعه من جوابي إلا هواني عليه. وفعل ذلك آخر فأمسك الأحنف عنه، وأكثر الرجل إلى أن أراد الأحنف القيام للغداء، فقال للرجل: يا هذا إن غداءنا قد حضر فانهض بنا إليه إن شئت فانك منذ اليوم تجد وتحمل بغال.
ولولا الشعر ما عرف جود حاتم وكعب بن مامة وهرم بن سنان وأولاد جفنة، وإنما أشاد بذكرهم الشعر. قال الفرزدق:
على ساعة لو أن في القوم حاتماً ... على جوده سبت نفس حاتم
وقال زهير:
من يلق يوماً على علاته هرماً ... يلق السماحة فيه والندى خلقاً
لو نال حي من الدنيا بمكرمةٍ ... أفق السماء لنالت كفه الأفقا
وقال جرير:
فما كعب بن مامة وابن سعدى ... بأجود منك يا عمر الجوادا