الفزاري، فقال: يا عمرو ما أصارك إلى ما أرى؟. قال: بخل مثلك بماله وصرف وجهي عن مسألة الناس، فقال: والله لئن بقيت إلى غد لأغيرن ما أرى من حالك. فرجع ابن عنقاء إلى أهله، فأخبرهم بقوله، فقالت أمه: غرك كلام جنح ليل، فكأنما ألقمت فاه حجرا، فبات متململا بين رجاء ويأس. فلما كان السحر سمع رغاء الإبل وثغاء الشاء وصهيل الخيل ولجب الأموال. فقال: ما هذا. قالوا: عملية ساق إليك ماله. قال فاستخرج ابن عنقاء وقسم ماله شطرين، فساهمه عليه، فقال ابن عنقاء:
رآني على ما بي عميلة فاشتكى ... إلى ما له حالي أسر كما جهر
دعاني فآساني ولو ضن لم ألم ... على حين لا بدو يرجى ولا حضر
فقلت له خيراً وأثنيت فعله ... وأوفاك ما أبليت من ذم أو شكر
ولما رأى المجد استعيرت ثيابه ... تردى رداء سابغ الذيل واتزر
غلام وماه الله بالحسن مقبلاً ... له سيمياء لا تشق على البصر
كأن الثريا علقت فوق نحره ... وفي أنفه الشعرى وفي وجهه القمر
إذا قيلت العوراء أغضى كأنه ... ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر
ومما قيل في العتاب. قال يزيد بن الحكم الثقفي:
تكاشرني كرهاً كأنك ناصح ... وعينك تبدى أن صدك لي دوي
لسانك ماذي وعينك علقم ... وشرك مبسوط وخيرك منطوي
فليت كفافاً كان خيرك كله ... وشرك عني ما ارتوى الماء مرتوي
عدوك يخشى صولتي إن لقيته ... وأنت عدوي ليس ذاو بمستوي
تصفح من لاقيت لي ذا عداوة ... صفاحاً وعني بين عينيك منزوي
أراك إذا لم أهو أمراً هويته ... ولست لما أهوى من الأمر بالهوي