سبقنَ وإن لم يشتكي الفقر بالغنى ... وقابلنَ من لم يشتكي الكسر بالجبر
كذلك أذهانُ الملوك نقيَّةٌ ... ترى في مرَاةِ العقل أيان يستقري
تأملت ما تعطى للملوك من النهى ... فعوذت فرداً بالثلاثِ من الحجر
أحقًّا أراني في ثرى عتباته ... نباتاً يحيي وَاكفَ المزن بالزهر
وأنشدت أمداحاً تقول لمن أتت ... مدحتك بالشعرى وغيرك بالشعر
وقال في قاضي القضاة جلال الدين
البسيط
سقى حماك من الوسميّ باكره ... حتَّى تبسم من عجبٍ أزاهره
يا دارَ لهوِي لا واشٍ أكاتمه ... ولا رقيبٌ بمغناها أحاذره
حيث الشبيبة تصبي كلّ ذي حورٍ ... سيَّان أسود مرآها وناظره
من كلّ محتكمِ الأجفان يخرجنا ... من أرضِ سلوتنا في الحبِّ ساحره
ظبي إذا شمت خدَّيه ومقلته ... أذابَ لاهبهُ قلبي وفاتره
يأوي إلى بيت قلبٍ فيه مختربٍ ... فأعْجب لمخرِبِ بيتٍ وهو عامره
كأنه بيت شعر في عروض جوى ... دارت عليهِ بلا ذنبٍ دوائره
ليهن من باتَ مسروراً بهجعته ... إني عليهِ قريحُ الطرف ساهره
مجري الدموع على طرف تألّفها ... فاسْتسهلت لمجاريها محاجره
كم ليلةٍ بتُّ أشكو من تطاولها ... عليَّ والأفق داجي القلب كافره
وأرقب الشهبَ فيه وهي ثابتةٌ ... كأنَّما سمّرتْ منها مسامره
حتَّى بدا الصبح يحكِي وجه سيِّدنا ... قاضي القضاة إذا استجداه زائره
لله صبحٌ تجلى للشريعة عن ... ذاك الجلال لقد جلَّت مآثره
أفدِي البريد وللتقليد في يدهِ ... مخلّق تملأ الدُّنيا بشائره
يكاد يلمعُ مطويّ السطور به ... حتَّى ينمّ على فحواي ظاهره
مسرَّة كانَ طرف الشرع يرقبها ... ومطلبٌ كانت العليا تحاوره
قاضي القضاة جلال الدِّين قد وضحت ... سبل القريض وصاغ القول ماهره
هذي كؤوس الثنا والحمد مترعةٌ ... باكر صبوحك أهنى العيش باكره
واسْمع مدائح قد فاه الجمادُ بها ... وقد ترنم فوقَ الأيكِ طائره