مليح يغيظُ الوردَ حمرةَ خدّه ... ويطوي حديث العنبر الورد نشره
كأنَّ بما في الثغر نظم عقدُه ... وإلاَّ بما في العقد نظّم ثغره
عجبت لمخضرّ العِذار بخدِّه ... على أنَّه يذكو ويلهب جمره
وليس عِذاراً ما أرى غير أنَّه ... لماءِ حياةِ الرِّيق أقبل خضره
كلفت بهِ حلوَ اللَّمى بابليه ... فمن أين يحلو عنه للمرء صبره
وأسكنته قلبي الذي طارَ فرحةً ... فطائره قلبي الحزين ووكره
ووالله ما وفيته حقَّ نزله ... إذا كانَ في نارِ الحشا مستقره
عليَّ له أن أبذل القلب والحشا ... على ما يرى في الحبِّ والأمر أمره
ويعجبني طرفٌ تدرُّ دموعه ... على حسنه الغالي فلله درّه
أحنُّ لوجهٍ تهتُ فيه صبابةً ... فلله صبّ ضلّ إذ لاح بدرُه
وأنصب طرفي نحو طرف يشوقني ... إذا ما الْتقى في الحبِّ نصبي وكسره
أما والذي قاست عليهِ جوانحي ... من الضنك ما قاسَى من الردف خصره
لقد زيَّن قلبي المستهام بحبِّه ... كما بشهاب الدِّين قد زيّن دهره
رئيس كما ترضى السيادة والعلى ... بهِ زال ذلّ الدهر واشْتدَّ أزره
كثير الأيادي البيض في كلِّ مقصدٍ ... إذا ما غدت تسعى على الطرس حمره
عليك به إن عافت المدح الورى ... وضاق به سهل الرَّجاءِ ووعره
سجاياه لا زَهر الرِّياض وعرفها ... وجدواه لا ظلّ الغمام وقطره
إذا رمت أن تتلو على يدهِ الرَّجا ... فتيسير عنوان الندى منه نشره
رأيت لهُ فضلاً على جامعي الثنا ... كما فضل الشهر المحرَّم عشره
وقدراً إذا أضحى به الذكر طائراً ... غدا واقعاً عنه من الليل نسره
من الباذلي الأموال والقامعي العدا ... فأعداؤهُ تشكو النثارَ ونثره
له قلمٌ تنهلّ بالجودِ سحبه ... وتشرق في أفق الفضائلِ زُهره
عجبت له من طاهر اللفظ ظاهر ... على أنه قد حاقَ في الناسِ سحره
أما وأبي العليا لقد سادَ في الورى ... سيادة من أربى على الحصرِ شكره
أثاب فقلنا الغيث أبداه شامه ... وزادَ فقلنا النيل أهدته مصره
هو المتلقي رفعةً بتواضعٍ ... ورُبَّ رفيع حطَّ علياه كبره