للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودولة مالكٍ نثلت جفيراً ... فكنت أشدّ سهمٍ في الجفير

حميت رواقها وبنيت فيها ... بيمنك كلّ سطرٍ مثل سور

وسكّنت البسيطةَ من هياجٍ ... فما يهتزّ فرعٌ في دَبور

ولمْ يعجزْك في الأيام شيءٌ ... تحاوله سوى مرأًى نضير

لتهنك حجةٌ غرّاء يحلو ... تذكرها على مرّ الدّهور

جنيتم كلّ ضامرةٍ لعيش ... فرار الورق قدّام الصقور

كأنَّ الأرض تحتكمُ سماءٌ ... تجلّت بالأهلة والبدور

سُرىً تطوى به الفلوات طياًّ ... ونعم الذَّخر في يوم النشور

تقولُ بطاحُ مكةَ يوم لحتم ... ألا لله من وفدٍ جهير

ألستم خير من ركب المطايا ... وأعلا القادمين سنا نور

يطوف عليكم الرّضوان فيها ... طوافكُم على البيتِ الطهور

ويعبق بينكم في النحر عرفٌ ... كأنَّ المسك بعضُ دم النحير

وتمكث بالحجاز سيولُ رفدٍ ... فما تهفو إلى نوءٍ مطير

إذا كرمت مساعي المرءِ حثت ... لبذل الوفر في جمع الأجور

فيا بشرى لمصرَ وساكنيها ... مصيرك نحوها أزكى مصير

وعودك في سما التدبير بدراً ... يفرّع من ركوب هلال كور

وعيناً للزمان تجيل رأياً ... تبسم عنه أرجاء الثغور

أطلتُ مديحه وأجدتّ فيه ... وما حابيته وَزْن النقير

وقمت بجاهه أشكو الليالي ... كما تشكو الرّعية للأمير

وأعجب كيف أظمأ من غمامٍ ... وقد شمل الجليل مع الحقير

وكيف ظلاله تسعُ البرايا ... وشخصي قائمٌ وسطَ الهجير

وما في السحب مثل ندى يديه ... ولا في الأرض مثليَ من شكور

رعاك الله دارِكْ شكوَ عبدٍ ... تمسّك منك بالعدل السفير

فمثلك من أغاث حليف بيتٍ ... فأحيى بعضَ سكانِ القبور

ولا تنظرْ إلى حقي ولكنْ ... إلى ما فيك من كرمٍ وخير

أتيتك محرماً من كل صنعٍ ... فدُمْ يا كعبةً للمستجير

<<  <   >  >>