لم أنسَ ألسنةَ الأحوالِ قائلةً ... عوّذْ بياسينَ حسناً للعقولِ سبا
وامدحْ عذوبةَ ألفاظٍ مشعشعة ... قد استوَى عن ذكاها الماءُ والتهبا
بعدتُ عن بابِ منشيها فوا أسفاً ... وواصلتْني على بعدٍ فواطربا
من لي بقبلةِ ذاكَ البابِ تأديةً ... فأَغتدي ساجدَ الأمداح مقتربا
يا كاتباً تبَّ مسعى من يناضلهُ ... فراحَ يحملُ من أقلامِهِ حطبا
حلفتُ أنَّكَ أذكى من حوَى قلماً ... تنشي البديعَ وأنحى من نحا أدبا
أليةٌ لو أتاها الفجرُ ما نسبت ... له البريَّةُ في ذيلِ الدُّجى كذِبا
وقال في المعنى أيضاً:
البسيط
أذكى سنا البرقِ في أحشائهِ لهبا ... وجاذبتهُ يدُ الأشواقِ فانجذبا
واستخرجَ الحبَّ كنزاً من محاجرهِ ... فقامَ يبكي على أحبابهِ ذهبا
صبٌّ يرى شرعةً في الحبِّ واضحةً ... فما يُبالي إذا قالَ الوشاةُ صبا
نحا الهوَى فكرَهُ العاني فصيَّرهُ ... بعامل القدِّ لا ينفكُّ منتصبا
مقسم الدمعِ والأهواءِ تحسبه ... بينَ الصدودِ وبين النأي منتهبا
ذو وجنةٍ بمجاري الدَّمعِ قد قرحتْ ... وخاطر بجناحِ الشوقِ قد وجبا
كأنَّ مهجتهُ ولَّتهُ فاتَّخذتْ ... سبيلها عنه في بحرِ البكى سربا
يا ساريَ البرق في آفاق مصر لقدْ ... أذكرتني من زمان النيل ما عذُبا
حدِّث عن البحرِ أو دمعي ولا حرجٌ ... وانقل عن النارِ أو قلبي ولا كذِبا
واندُب على الهرمِ الغربيّ لي عمراً ... فحبَّذا هرمٌ فارقته وصبا
وقبِّل الأرضَ في بابِ العلاءِ فقدْ ... حكيتَ من أجلِ هذا الثغرَ والشنبا
واهْتفْ بشكوايَ في ناديهِ إنَّ بهِ ... في المكرماتِ غريباً يرحمُ الغرَبا
هذا الذي إن دعا الأقرانُ فكرتهُ ... قالت عزائِمهُ ليس العُلى لعبا
وفى الكتابةَ في علمٍ وفي عملٍ ... هذا وعارضهُ في الخدِّ ما كُتبا
وجانست فضلَ مرباهُ فضائلهُ ... فراحَ في حالتيهِ يتقن الأدبَا
ذو البيت إن حدَّثت عنه العلى خبراً ... جاءتْ بإسنادِها عنه أباً فأبا
بيتٌ أفاعيلهُ في الفضلِ وازنةٌ ... فما تراهُ غداةَ المدحِ مضطرِبا