للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حتى ألقى الله. فبكى هارون بكاء شديدًا ثم قال: زدني. قال: "إن العباس

قال: يا رسول الله أمِّرني؟ فقال: إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة

فإن استطعت أن لا تكون أميرًا فافعل". قال: زدني رحمك الله. قال: يا

حسن الوجه، أنت الذي يسألك الله عن هذا الخَلْق يوم القيامة، فإن استطعت

أن تقي هذا الوجه من النار فافعل وإياك أن تمسي وفي قلبك غش لأحد من

رعيتك. فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "من أصبح غاشًا لهم لم يرح رائحة الجنة".

فبكى هارون، وقال: عليك دين؟ قال: نعم، دين لربي لم يحاسبني عليه،

فالويل لي إن ساءلني، والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن لم ألهم حجتي.

فقال: هذه ألف دينار خذها قال: سبحان الله أنا أدلك على طريق النجاة وأنت

تكافئني بمثل هذا؟ ! سلمك الله ووفقك. ثم صمت فلم يكلمنا فخرجنا، فلما

صرنا على الباب. قال هارون: أبا عباس إذا دللتني على رجل فدلني على مثل

هذا، هذا سيد المسلمين. فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت: يا هذا قد ترى

ما نحن فيه من ضيق الحال، فلو قبلت هذا المال. قال: إنما مثلي ومثلكم كمثل

قوم لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه فأكلوا لحمه، فلما سمع هارون

الكلام، قال: ندخل فعسى أن يقبل المال. فلما علم الفضيل خرج فجلس في

السطح فجاء هارون إلى جنبه فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ

خرجت جارية سوداء فقالت: يا هذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة فانصرف رحمك

الله فانصرفنا.

قلت (١): هي حكاية حسنة إلا أن الغلابي (راويها) (٢) واه. قال إبراهيم

ابن الأشعث: رأيت سفيان بن عيينة يُقبل يد الفضيل بن عياض. ويروى أن

الفضيل [بن عياض] (٣) قال (لزافر) (٤) بن سليمان: هؤلاء المحدثون يعجبهم

قرب الإسناد، ألا أخبرك بإسناد لاشك فيه، رسول الله عن جبريل عن الله

تعالى {نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} (٥) فأنا وأنت من


(١) سير أعلام النبلاء (٨/ ٤٢١ - ٤٤٢).
(٢) في "الأصل": راوينا. والمثبت من "خ، ع، هـ".
(٣) من "ع".
(٤) في "ع": لراية.
(٥) سورة التحريم: الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>