للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

صاحبك شيئًا. قلت: ها هنا الفضيل بن عياض. قال: امض بنا إليه، فأتيناه

فإذا هو قائم يصلي يتلو آية يرددها فقرعت الباب. فقال: من هذا؟ قلت:

أجب أمير المؤمنين فقال: مالي وله. قلت: سبحان الله أما عليك طاعة. فنزل

ففتح ثم ارتقى إلى غرفة فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية فدخلنا، فجعلنا نجول

عليه (بأيدينا) (١) فسبقت كف الرشيد إليه، فقال: يا لها من كف ما ألينها إن

نجت غدًا من عذاب الله. فقال (له) (٢): خذ [فيما] (٣) جئناك له رحمك الله.

فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا بسالم بن عبد الله، ومحمد بن

كعب القرظي، ورجاء بن حيوة، فقال لهم: إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا

عليَّ، فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة. فقال له سالم: إن

أردت النجاة (من عذاب الله فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت. وقال له

محمد: إن أردت النجاة) (٤) فليكن كبير المسلمين عندك أبا، وأوسطهم أخًا،

وأصغرهم عندك ولدًا، فوقر أباك، وأكرم أخاك، وتحنن على ولدك. وقال له

رجاء: إن أردت النجاة، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك، واكره لهم ما تكره

لنفسك، ثم مت [إذا] (٥) شئت، وإني أقول لك هذا، وإني أخاف عليك أشد

الخوف يوم تزول فيه الأقدام، فهل معك رحمك الله مثل هذا أو من يشير عليك

بمثل هذا؟ فبكى هارون بكاء شديدًا حتى غُشي عليه. فقلت له: أرفق بأمير

المؤمنين. فقال: يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا؟ ! ثم أفاق

فقال له: زدني رحمك الله، قال: بلغني أن عاملًا لعمر بن عبد العزيز شكي

إليه، فكتب إليه عمر: يا أخي، أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود

الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء.

فلما قرأ الكتاب قدم على عمر، وقال (٦): خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى ولاية


(١) سقطت من "ع".
(٢) في "ع": لها.
(٣) في "الأصل": لما. والمثبت من "خ، ع، هـ".
(٤) سقط من "خ".
(٥) في "الأصل": ما. والمثبت من "خ، ع، هـ" والتهذيب.
(٦) زاد في "الأصل": قد.

<<  <  ج: ص:  >  >>