فقلتُ للأزهري: يا أبا العباس أحب أن تريني أصلك، فأخرج إلى كتابه بخط عتيق فيه هشيم، عن منصور ويونس، عن الحسن، وفي عقبه داود، عن الحسن، وفي عقبه عن ابن علية، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، فقال: حدثنا علي بن حُجْر بهذه الأحاديث الثلاث، فكأنه كان يعملها في صِبَاه، ذكرت في تلك الأحاديث هذا الحديث الواحد ليستدل به على ما رواه.
وقد روي عن محمد بن المصفَّى أكثر من خمسمائة حديث، فقلتُ له: يا أبا العباس أين رأيت محمد بن المصفي؟ فقال: بمكة فقلتُ: في أي سنة؟ قال سنة ست وأربعين [ومائتين]، قلتُ: وسمعت هذه الأحاديث منه في تلك السنة بمكة؟ قال: نعم، فقلتُ: يا أبا العباس سمعت محمد بن عبيد الله بن الفضيل الكلاعيّ عابد الشَّام بحمص يقول: عادلت محمد بن المصفَّى من حمص إلى مكة سنة ست وأربعين فاعتل بالجحفة علة صعبة، ودخلنا مكة فطيف به راكبًا، وخرجنا في يومنا إلى منى واشتدت به العلة، فاجتمع عليَّ أصحاب الحديث وقالوا: تأذن لنا حتى ندخل عليه؟ قلتُ: هو لما به، فأذنت لهم فدخلوا عليه وهو لما به لا يعقل شيئًا، فقرأوا عليه حديث ابن جريج عن مالك في المغفر، وحديث محمد بن حرب عن عبيد الله بن عمر:"ليس من البر الصيام في السفر"، وخرجوا من عنده، ومات فدفناه