وقال سفيانُ الثوريُّ رحمة اللَّه عليه: أَدركنا الفُقهاءَ وهُم يَكرهونَ أن يُجيبوا في المسائل والفُتيا حتى لا يَجِدوا بُدًّا من أن يُفتُوا، وإذا أُعفُوا منهَا كانَ أَحبَّ إليهِم.
وقال الإمامُ أحمدُ رضي الله عنه: مَن عرّضَ نفسَهُ لِلفُتيا فقد عَرّضَها لِأَمْرِ عَطيم، إِلاَّ أنَهُ قد تُلجئُ الضرورةُ.
قِيلَ لَهُ: فَأَيَّمَا أفضلُ؟ الكلامُ أَمِ السُّكوتُ؟
قال: الإمساكُ أَحَبُّ إِلَيّ.
قِيلَ لَهُ: فإِذَا كَانتِ الضرورةُ؟
فجعلَ يقولُ: الضرورةُ الضرورةُ! وقالَ: الإمساكُ أَسلمُ لَهُ.
وليعلمِ المفتي أنهُ يوقعُ عن اللَّه أَمرهُ ونهيهُ، وأنهُ موقوفٌ ومسئُولٌ عن ذلك.
قال الربيعُ بنُ خُثيمٍ: أيها المفتون! انظُروا كيفَ تُفتون.
وقال عمرُو بنُ دينارٍ لقتادةَ لما جلس للفُتْيَا: تدري في أي عمل وقعت، وقعت بين الله وبين عباده وقلتَ: هذا يَصلحُ، وهَذا لا يَصلحُ.
وعن ابن المنُكدرِ قال: إِنَّ العالمَ داخل بينَ اللَّه وبينَ خلقهِ، فلينظُرْ كيفَ يدخلُ عليهم.
وكان ابنُ سيرينَ إذا سُئلَ عن الشيءِ من الحلالِ والحرامِ تغيرَ لونُهُ وتبدَّلَ، حتى كأنَّه ليسَ بالذي كانَ.
وكانَ النَّخعيُّ يُسأَلُ فتظهرُ عليهِ الكراهةُ ويقولُ: ما وجدتَ أحدًا تسأل غيري؟! وقالَ: قَد تكلَّمتُ ولو وجدتُ بُدَّا مَا تكلمتُ، وإنَّ زمانًا أكونُ فيه فقيهَ الكُوفةِ لزمانُ سُوءٍ.
ورُوِيَ عن عمر قال: إِنّكم لتستفتوننا استفتاءَ قومٍ كأَنَّا لا نسألُ عمَّا نُفتيكم به.
وعن محمدِ بن واسعٍ قال: أَولُ من يُدعى إِلَى الحسابِ الفُقهاءُ.