للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القريب، أترون أني أضيع لهم عملاً؟

فكيف وأنا أجود عَلَى المولين عني، فكيف بالمقبلين إليّ؟ ".

فبإسباغ الوضوء في البرد -لاسيما في الليل- يطلع الله عليه، ويرضى به، ويباهي به الملائكة، فاستحضار ذلك يهون ألمه.

وفي "المسند" (١) وصحيح ابن حبان (٢) عن عقبة بن عامر عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إِلَى الطهور وعليه عُقَدٌ فيتوضأ، فَإِذَا وضّأ يديه انحلَّت عقدة، وإذا وضّأ وجهه انحلَّت عقدة، إذا مسح برأسه انحلّت عقدة، وإذا وضّأ رجليه انحلَّت عقدة، فيقول الرب عز وجل للذين وراء الحجاب: انظروا إِلَى عبدي هذا يعالج نفسه، ما سألني عبدي هذا فهو له ... " وذكر بقية الحديث.

وروى عطية عن أبي سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلم: "إن الله يضحك إِلَى ثلاثة نفر: رجل قام من جوف الليل فأحسن الطُّهور فصلى ... " (٣) وذكر الحديث.

كان بعض السَّلف له ورد بالليل ففتر عنه، فهتف به هاتف يقول:

بعين الله في الليل لما يصنع خدّامه ... إذا قاموا وحثَّتهم عَلَى الخدمة أحكامه

الخامس: الاستغراق في محبة من أمر بهذه الطاعة، وأنه يرضى بها ويحبها كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢]، فمن امتلأ قلبه من محبة الله عز وجل أَحَبّ ما يحبه وإن شق عَلَى النفس وتألمت به، كما يقال: المحبة تهوَّن الأثقال.

وقال بعض السَّلف في مرضه: أحَبُّهُ إِلَيّ أحَبُّهُ إِلَيْهِ.


(١) (٤/ ١٥٩، ٢٠١) وقال الهيثمي في المجمع (١/ ٢٢٤) عن الثاني: رجاله ثقات.
(٢) برقم (١٦٨ - موارد).
(٣) أخرجها "البزار" (٧١٥ - كشف) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطية العوفي به، وقال الهيثمي في المجمع (٢/ ٢٥٦)، فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير لسوء حفظه لا لكذبه.

<<  <   >  >>