حفيظ لما أمره الله به، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «احفظ الله يحفظك»(١) والمعنى أنه حفيظ لأوامر الله، لا يضيعها ولا يقابلها بكسل وتوانٍ بل هو نشيط فيها، وإذا عصى بترك واجب، أو فعل محرم تجده يرجع إلى الله، فهو أواب رجاع إلى الله تعالى من المعاصي إلى الطاعات، وكذلك حفيظ حافظ لما أمر الله به، محافظ عليه، قائم به {من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب} من بدل مما سبقها {خشى الرحمن} أي: خافه عن علم وبصيرة، لأن الخشية لا تكون إلا بعلم، والدليل قوله تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء} فهي خشية أي خوف ورهبة وتعظيم لله عز وجل، لأنها صادرة عن علم، وقوله:{من خشى الرحمن بالغيب} لها معنيان:
المعنى الأول: أنه خشي الرحمن مع أنه لم يره، لكن رأى آياته الدالة عليه.
المعنى الثاني: خشيه بالغيب، أي: بغيبته عن الناس، فهو يخشى الله وهو غائب عن الناس، لأن من الناس من يخشى الله إذا كان بين الناس، وإذا انفرد فإنه لا يخشى الله، مثل المرائي المنافق، إذا كان مع الناس تجده من أحسن الناس خشية، وإذا انفرد لا يخشى الله، كذلك أيضاً من الناس من يكون عنده خشية ظاهرية، لكن القلب ليس خاشياً لله عز وجل - فيكون بالغيب، أي ما غاب عن الناس، سواء كان عمله في مكان خاص، أو ما غاب
(١) أخرجه الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب ٥٩ (٢٥١٦) والإمام أحمد (١/٢٩٣، ٣٠٣، ٣٠٧) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.