العذاب القلبي، فيجمع لهم بين العذاب البدني وبين العذاب القلبي، فتجده يكون في أشد ما يكون من الحسرة، يتحسرون يقولون:{ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} ،
ولما كان القرآن الكريم مثاني، تثنى فيه المعاني الشرعية والخبرية، إذا ذكر الشيء ذكر ضده، لما ذكر عذاب هؤلاء المكذبين الخراصين قال:{إن المتقين في جنات وعيون} المتقون هم الذين اتقوا الله، والتقوى ترد في القرآن الكريم على وجوه متعددة: بالوصف تارة، وبالفعل تارة، وبالأمر تارة، وتارة تكون مضافة إلى الله، وتارة تكون مضافة إلى العقوبة وغير ذلك، مما يدل على أن التقوى شأنها عظيم في الإسلام، وليست التقوى قولاً يقال باللسان، بل هي قول يتبعه فعل وتطبيق، فإن سألتم ما هي التقوى؟ قلنا: التقوى كلمتان: فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، علم وبرهان واحتساب وخوف، تفعل ما أمر الله به، لأنك تعلم أن الله أمر به، تفعل ما أمر الله به لأنك تحتسب ثوابه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، تترك ما نهى الله عنه؛ لأنك تعلم أن الله نهى عنه. تترك ما نهى الله عنه خوفاً من عقاب الله، لأنك موقن بالعذاب، هذه هي التقوى، يقول الله عز وجل عن المتقين:{في جنات وعيون} أي: مستقرون في جنات وعيون، والجنات جمع جنة، ويمر في القرآن (جنة) مفرداً و (جنات) جمعاً، فهل هي جنات متعددة أو هي جنة واحدة؟ هي جنات متعددة، لكن ذكرت بلفظ المفرد من باب ذكر الجنس، وإلا فهي جنات، وفي آخر سورة الرحمن، ذكر الله أربع جنات،