من القوي والضعيف خير، وهذه الجملة يسميها علماء البلاغة جملة احترازية، لأنه لما قال:«المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف» يظن الظان أن المؤمن الضعيف ليس فيه خير، فقال:«وفي كل خير» .
ولها نظائر قال الله تعالى:{لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} يعني من قبل صلح الحديبية {أولئك أعظم درجةً من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} كلاًّ من هؤلاء وهؤلاء، يعني فلا تظنوا أن هذا التفاوت يحط من قدر الآخرين ويحرمهم الخير، وقال تعالى:{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجةً وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً} فهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز»(١) فإذا فعلت ذلك حرصت على ما ينفع واستعنت بالله، وكنت حازماً نشيطاً وقويًّا في مرادك، إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله يعني هذا قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، أنت عليك أن تسعى للخير، وليس عليك أن يتم لك ما تريد، المهم أن كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس، فمن قدر الله له الهداية، ومن قدر له الشقاء فهو بقدر، ولكن السبب لتقدير الله الشقاء على العبد هو نفس العبد، لقول الله تعالى:{فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين} .