{إنه كان تواباً} أي: لم يزل عز وجل تواباً على عباده، فإذا استغفرته تاب عليك، هذا هو معنى السورة.
لكن السورة لها مغزى عظيم لا يتفطن له إلا الأذكياء، ولهذا لما سمع عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن الناس انتقدوه في كونه يُدني عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع صغر سنه ولا يدني أمثاله من شباب المسلمين، وعمر ـ رضي الله عنه ـ من أعدل الخلفاء أراد أن يبين للناس أنه لم يحابِ ابن عباس في شيء، فجمع كبار المهاجرين والأنصار في يوم من الأيام ومعهم عبد الله بن عباس وقال لهم: ما تقولون في هذه السورة {إذاجاء نصر الله والفتح} حتى ختم السورة ففسروها بحسب ما يظهر فقط، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئاً. فقال: ما تقول ياابن عباس قال: يا أمير المؤمنين هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أعلمه الله له:{إذا جاء نصر الله والفتح} فتح مكة فذاك علامة أجلك، {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً} فقال عمر: «والله ما أعلم منها إلا ما تعلم»(١) . فتبين بذلك فضل ابن عباس وتميزه، وأن عنده من الذكاء والمعرفة بمراد الله عز وجل.
لما نزلت هذه السورة جعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي هو أشد الناس عبادة لله وأتقاهم لله جعل يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: