به قبل أن يرتد إليك طرفك} [النمل: ٣٨ ـ ٤٠] . يعني إذا مددت طرفك ثم رجعته فقبل أن يرجع إليك آتيك به {فلما رآه مستقرّاً عنده} في الحال رآه مستقراً عنده {قال هذا من فضل ربي ليبلونيءَأَشكر أم أكفر} قال العلماء: إنه حملته الملائكة حتى جاءت به إلى سليمان من اليمن، وسليمان بالشام بلحظة فدل هذا على أن قوة الملائكة أشد بكثير من قوة الجن، وقوة الجن أشد من بني آدم؛ لأنه لا يستطيع أحد من بني آدم أن يأتي بعرش ملكة سبأ من اليمن إلى الشام إلا مدة طويلة، فالحاصل أن الملائكة تسبح بأمر الله عز وجل بما يأمرها به. {فالسابقات سبقاً} أيضاً هي الملائكة تسبق إلى أمر الله عز وجل، ولهذا كانت الملائكة أسبق إلى أمر الله وأقوم بأمر الله من بني آدم، قال الله تعالى في وصف ملائكة النار:{عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} .
[التحريم: ٦] . وقال عز وجل:{ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون}[الأنبياء: ١٩، ٢٠] . فهم سباقون إلى أمر الله عز وجل بما يأمرهم لا يعصونه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لقوتهم وقدرتهم على فعل أوامر الله عز وجل. {فالمدبرات أمراً} أيضاً وصف للملائكة تدبر الأمر، وهو واحد الأمور يعني أمور الله عز وجل لها ملائكة تدبرها، حسب أمره فجبرائيل موكل بالوحي يتلقاه من الله وينزل به على الرسل، وإسرافيل موكل بنفخ الصور الذي يكون عند يوم القيامة ينفخ في الصور فيفزع الناس ويموتون، ثم ينفخ فيه أخرى فيبعثون، وميكائيل موكل بالقطر وبالمطر والنبات، وملك الموت موكل بالأرواح، ومالك موكل بالنار، ورضوان موكل بالجنة، وعن اليمين وعن الشمال قعيد موكل بالأعمال، وملائكة موكلون بحفظ أعمال بني آدم كلٌّ يدبر ما أمره الله عز وجل به.