وعن علي رضي الله عنه قال: من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه بالتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيديك ولا تغمز بعينيك غيره، ولا تقولن: قال فلان خلاف قوله، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا تطلبن عثرته وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره لله تعالى، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته ولا تسارّ في مجلسه ولا تأخذ بثوبه ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تشبع من طول صحبته فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء، ولقد جمع رضي الله عنه في هذه الوصية ما فيه كفاية.
قال بعضهم: ومن تعظيم الشيخ أن لا يجلس إلى جانبه ولا على مصلاه أو وسادته، وإن أمره الشيخ بذلك فلا يفعله إلا إذا جزم عليه جزمًا يشق عليه مخالفته فلا بأس بامتثال أمره في تلك الحال ثم يعود إلى ما يقتضيه الأدب، وقد تكلم الناس في أي الأمرين أولى أن يعتمد: امتثال الأمر أو سلوك الأدب، والذي يترجح ما قدمته من التفصيل فإن جزم الشيخ بما أمره به بحيث يشق عليه مخالفته فامتثال الأمر أولى وإلا فسلوك الأدب أولى، لجواز أن يقصد الشيخ خيره وإظهار احترامه والاعتناء به فيقابل هو ذلك بما يجب من تعظيم الشيخ والأدب معه.