ظالمًا وبإصراره عليه فاسقًا فإنه متى لم يكن أهلاً لما شرطه الواقف في وقفه أو لما يقتضيه عرفٌ مثله كان بإصراره على تناول ما لا يستحقه فاسقًا، فإن كان في الوقف أن يكون المدرس عاميًا أو جاهلاً لم يصح شرطه، وإن شرط جعل ناقص مخصوص مدرسًا سقط اسم الفسق وحظر الإثم، ويبقى التنقص به والاستهزاء به بحاله، ولا يرضى ذلك لنفسه أريب، ولا يتعاطاه مع الغنى عنه لبيب، ولا يَظْهَرُ مِنْ واقفٍ شَرَطَ قَصْدُ ذلك قصد الانتفاع ولا يؤول أمر وقفه إلا إلى ضياع، وأقل مفاسد ذلك أن الحاضرين يفقدون الإنصاف لعدم من يرجعون إليه عند الاختلاف لأن رب الصدر لا يعرف المصيب فينصره أو المخطئ فيزجره.
وقيل لأبي حنيفة رحمه الله: في المسجد حلقة ينظرون في الفقه, فقال: ألهم رأس؟ قالوا: لا، قال: لا يفقه هؤلاء أبدًا، ولبعضهم في تدريس من لا يصلح:
تصدر للتدريس كل مهوس ... جهول يسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى سامها كل مفلس
الفصل الثالث في أدب العالم مع طلبته مطلقًا في حلقته