واللبيب المحصل يجعل المدرسة منزلاً يقضي وطره منه ثم يرتحل عنه فإنْ صَاحَبَ من يعينه على تحصيل مقاصده ويساعده على تكميل فوائده وينشطه على زيادة الطلب ويخفض عنه ما يجد من الضجر والنصب ممن يوثق بدينه وأمانته ومكارم أخلاقه في مصاحبته فلا بأس بذلك بل هو حسن إذا كان ناصحًا له في الله غير لاعب ولا لاه.
وليكن له أنفة من عدم ظهور الفضيلة مع طول المقام في المدارس ومصاحبة الفضلاء من أهلها وتكرر سماع الدروس فيها وتقدم غيره عليه بكثرة التحصيل وليطالب نفسه كل يوم باستفادة علم جديد ويحاسبها على ما حصله فيها ليأكل مقرره فيها حلالاً.
فإن المدارس وأوقافها لم تجعل لمجرد المقام والعشرة ولا لمجرد التعبد بالصلاة والصيام كالخوانك، بل لتكون معينة على تحصيل العلم والتفرغ له والتجرد عن الشواغل في أوطان الأهل والأقارب، والعاقل يعلم أن