قال الشافعي رضي الله عنه: ما شبعت منذ ست عشرة سنة، وسبب ذلك أن كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب، وكثرته جالبة للنوم والبلادة وقصور الذهن وفتور الحواس وكسل الجسم، هذا مع ما فيه من الكراهية الشرعية والتعرض لخطر الأسقام البدنية.
كما قيل:
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
ولم ير أحد من الأولياء والأئمة العلماء يصف أو يوصف بكثرة الأكل ولا حمد به، وإنما يحمد كثرة الأكل من الدواب التي لا تعقل بل هي مرصدة للعمل، والذهن الصحيح أشرف من تبديده وتعطيله بالقدر الحقير من طعام يؤول أمره إلى ما قد علم، ولو لم يكن من آفات كثرة الطعام والشراب إلا الحاجة إلى كثرة دخول الخلاء لكان ينبغي للعاقل اللبيب أن يصون نفسه عنه، ومن رام الفلاح في العلم وتحصيله البغية منه مع كثرة الأكل والشرب والنوم فقد رام مستحيلاً في العادة.
والأولى أن يكون أكثر ما يأخذ من الطعام ما ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يُقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" رواه الترمذي.